يا شباب: المدرسة لا تكفي!

سنة النشر : 01/05/2009 الصحيفة : الاقتصادية

 

* دعوا الشباب يقررون كيف يتعلمون.. وسيبهرونكم!

.. المستقبلُ بيدك الآن فعلا أيها الشاب، المستقبلُ بيدك فعلا الآن أيتها الفتاة. والمجال متاح، وقد لا يكون فقط مجرد خيارٍ مفتوح، ولكن مع الزمن القادم سيكون أكثر من مجرد خيار، سيتحول إلى مصير .. مصير حياة.

المستقبل أيتها الفتاة وأيها الفتى سيكون فقط لهؤلاء المستعدين لأخذ زمام الأمور لتعليم أنفسهم والارتقاء بعقولهم، وليس مجرد التعليم التقليدي الذي يثبت كل يوم اضمحلال عنصرين: الفائدة والكفاءة. وحتى لا يقلق القائمون على التعليم، ويعتبرونه نقدا أو انتقاصا للمؤسسة التعليمية هنا، فإن الدراسة التقليدية: الفصل والسبورة وسور المدرسة يثبت في كل مكان في الدنيا أنه ليس الطريق الممهد للمستقبل، عندما يُراد أن يكون المستقبلُ ناصعا وناحجا ومثمرا. والأخذ بزمام الأمور في تعليم الذات والارتقاء بالقدرة الفكرية سيكون بمثابة المصفاة الصالحة لفرز والاستفادة من المعلومات، على نقيض التعليم الحالي الذي هو وعاء مصمت بلا مسام ويصب في العقل صبا حتى تجمد المعلومة ويكون قد جمد قبل ذلك العقل نفسه.

ودعني أعطيك أولا أمثلة غاية في الكلاسيكية في تعليم الذات، فلدينا علمٌ اختفى لمع في سماء الفكر السعودي والعربي كشهاب أضاء أركانها ونشر الضياء بعد مضيه، وسمة تفوقه الشاسع عن الآخرين وخصوصا عن – العفو - الأكاديميين العاديين في تخصصه الإنساني بتأصيل الفكر وبالأنثربولجيا الخاصة به (ولو كان هذا العلـَمُ خرج في بلد متقدم يعنى بتحديد هيكلة العلوم المتفرعة من علم رئيس لأُفرد له خصوصية علمية بعلوم الإنسان، عندما يكون خاصا بتأصيل الأعراق وتحليلها تاريخيا للوصول لتفسير المرجع الذي يرتكن إليه حاضر مجموعة أو فرد من الناس)، وله أعمال فكرية مؤسسية بقيت معنا، وارتقت بنا، وأقصد الشيخ حمد الجاسر فهو مثلٌ عظيمٌ لعصامية التعليم ونبوغ أثره وفائدته. ولن يجرؤ أحد على ذكر العصامية التعليمية بدون أن يقف طويلا وبثبات احترامي وإجلالي خاص للمفكر النادر الموسوعة محمود عباس العقاد.. وأستطيع أن أقول إن كثيرا منا يعرف من ضمن دائرته من درّسوا أنفسهم ذاتيا، أو أنهم لم يكتفوا بالتعليم العادي فراحوا بعضلاتهم العقلية وتحملهم التحصيلي يخوضون بحار المعرفة ببوصلتهم الخاصة ونبغوا ونجحوا. وأعرف متفوقا في الصناعة صار ممن يشار إليه بالبنان في مجتمعنا الصناعي، دون أن يحضر حصة واحدة في الهندسة .. من أي نوع!

أيها الشاب، أيتها الشابة: إني لا أطلب منكم أن تفعلوا، وأن تكونوا مثل حمد الجاسر أو العقاد، أو الصانع النابه، مع أني والله أود لكم ذلك، ولكن أتكلم عن نهاية الأعذار وانفتاح الطرق في عصرنا، ولأن كما أسلفت في مقدمة المقال بأن المستقبل الناجح ليس خيارا بل مصير. عصر الإنترنت شرع لكم الآن أبوابـَه وإن لم تدخلوا إليه دخول الفاتحين فلن أجد لكم عذرا، ثم لا يهم أني أنا لا أتلمس لكم العذر، المهم والأهم أن مستقبلكم لن يجد من يبرر له إخفاقه لو تركتم فرصة على "كتاب من ذهب" وهو التعلم عن طريق الفضاء الافتراضي (الإنترنت). ويبزغ كل يوم شباب من أعماركم ويسجلون حضورا إعلاميا بتجارب مذهلة، وبعضهم صار من كبار أصحاب الأعمال، ولن أذكر لكم الشاب وراء "الأمازون"، أو الشابين وراء "الجوجل"، أو وراء ال "إي - باي" أو وراء المواقع التي أثرى منها آلاف الشباب في العالم، ولكني أذكر لكم شابا باكستانيا من "الخبر" بنى عملا ناحجا عن طريق التعلم الإلكتروني ثم التطبيق تجاريا، وهذا الشاب، رفع الله عنه، لا يتمتع بكامل أهليته الصحية مثل معظمكم حماكم الله، ولكنه يضطر للسفر عشرات الكيلومترات ثلاث مرات في الأسبوع لتلقي معالجة بالغسل الكلوي لإصابته بفشل الكلى النهائي .. وأخبركم عن بنت مصرية بنـَت مكتبة مرجعية كاملة وتحصد مالا في الرياض.. وأخبركم عن مجموعة من الصبايا الكمبوديات اللاتي انتشلتهن امرأة صالحة وعبقرية من دور بيع جسد الإنسان، إلى أن جعلتهن يتعلمن من الإنترنت، وحددت لهن المواضيع، وهن الآن يُدِرنَ عن طريق الإنترنت شبكة لبيع الفاكهة عبر منطقة جنوب غربي كمبوديا.. أمس رأيت برنامجا عن معرض غذائي، ولهؤلاء البنات جناح يعرض تجربتهن، وصممن البرامج الخاصة الآن لشبكة تجارية في أستراليا.

عليكم أن تجعلوا الإنترنت مادة للتعلم وليس للهو أو التحميل.. وسترون أن العالم كله عند عتبة بابكم.

وبينما أطلب من مختصي التربية ألا يتركوني أخوض وحدي لأني مرجح للخطأ، كما أني من كل قلبي أتمنى الصواب، أن يساهموا في الموضوع بدل النقاشات التي لن توصلنا "الآن" لحل مشاكل فرص المستقبل للشباب.

أيها الشباب والفتيات: من أجلكم، من أجل مستقبلكم، من أجل نجاحكم.. جربوا!