سنة النشر : 10/01/2020 الناشر : فوزية دخيل بن طواله الشمري | صحيفة اليوم
ابن الوطن النجيب الدكتور نجيب الزامل الأديب الأريب والأب المعلم والمربي والقدوة، يفجعنا رحيله بعد صراع مع المرض. رحل صباح السبت تاركًا حزنًا يفوق الوصف ألمه. إنه الرمز الوطني عضو مجلس الشورى السابق وعراب التطوع والعمل الخيري.
كم أتحفنا بعطائه الأدبي والثقافي الرائع، المثقف عميق الفكر مرهف الحس سمح السجايا، سموه وبساطته في تواضعه، أخ ناصح وأب حنون. عرفته عن قرب لاشتراكنا في هم واحد هو التطوع والعمل الإنساني الخيري. كم من القيم النبيلة والخصال والمبادئ التي تعلمتها منه، التواضع والبذل والعطاء، إنه بحق «عراب التطوع»، كان كريمًا بخبراته ومعارفه، يعطيها بسخاء، ولا يرد طلبًا في خضم انشغالاته ومرضه، دائم التواصل والنشاط في الإعلام وأعمدة الصحف وحضور المناسبات والفعاليات. إذا حضر أعطى معنى لما يحضره، وصار النجم وموضع الاهتمام، تتلهف العيون لرؤياه والآذان لكلماته.
أكتب عن نجيب الزامل والحزن يملؤني فتخنق عبراتي عباراتي. التقيت به ثلاث مرات في لقاءات رسمية تطوعية، وكنت على تواصل معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. لا تزال عبارته الملهمة التي أرسلها لي نبراسًا ووقود تحفيز يدفعني كلما قرأتها، يقول رحمه الله: «كلنا متساوون تمامًا. كلنا معجزات من الله تمشي على الأرض». يا الله كم تحمل هذه الكلمة من سر يفجر الطاقة ويحفز على العطاء والثقة.
كان رحمه الله كثيرًا ما يردد «ربما أنت يا فوزية الحلم الذي أراه في الجبيل»، كان يعدني بلقاء خاص نناقش فيه التطوع ومقترحاته للجبيل، وبعد طول عهد قلت له ممازحة: «هل مات حلمك يا نجيب؟» فقال: «لا يا فوز، لكنه المرض، فادعي لي، فأنا بحاجة للدعوات». فقلت له: عهدتك قويًا لا تهزم. ودعوت له من القلب.. ومرت الأيام ويتأجل اللقاء ليصبح اللقاء حلمًا لم يتحقق.
كم هو صادق ما قاله د. خالد الدريس: أعظم عبرة تركها لي موت الحبيب أ. نجيب الزامل رحمه الله «لا تؤجل التواصل مع أحبابك»، نعم كل لقاءاته المؤجلة معي تحولت إلى ألم بعد أن كانت أملًا أنتظره.
كنت حريصة على متابعة حسابه في تويتر، كنت أراه نافذة يومية يطل منها على العالم ليعطي مخزونه الثقافي والأدبي والإنساني والعلمي. عطاؤه غيث منهمر لا يتوقف، وظهوره برق يضيء المكان، حضوره مميز يكسر الرتابة والروتين في الاجتماعات، يتلهف الجميع مداخلته بشوق، لأنها إثراء وتميز. ينثر الابتسامة والفرح والأريحية حيث حل وارتحل.
من يعرف نجيب الزامل ويفقده يعرف معنى الحزن والفقد، فالعلاقة الإنسانية الجميلة لا يدركها إلا ذوو الأرواح السامية التي ترتفع عن القاع، وتؤمن بالتقاء الأرواح على غيمة النقاء والطهر. عزائي في فقدك أستاذي الكبير هو قول الشيخ العلامة السعدي رحمه الله: «إذا انقطعت الأعمال بالموت وطويت صحيفة العبد فأهل العلم حسناتهم تتزايد، كلما انتفع الناس بإرشادهم، واهتدي بأقوالهم وأفعالهم. فحقيق بالعاقل الموفق أن ينفق فيه نفائس أوقاته وجواهر عمره وأن يعده ليوم فقره وفاقته».
أشهد أنك كنت المعلم المربي الباذل القدوة حسن السمت سمح السجايا كريمًا باذلًا صابرًا، رحمك الله رحمة واسعة يا نجيب، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا إلى ربنا لمنقلبون، والحمد لله رب العالمين.
@FawzyahALtwalah